من اقوال القديس اغسطينوس
إلهي عطشت إليك نفسي
كما أن قطعان الوعل تندفع نحو جداول المياه العذبة لتروي ظمأها... هكذا نفسي متعطشة اليك يا إلهي لتطفئ لهيب أشواقها.
نعم... ان نفسي ظمأى اليك يا ينبوع الحياة الدائم ... متى تسكرني نشوة عذوبتك!
متى أرحل عن أرض قفرة مجدبة لأتأمل قدرتك وجلالك وأرتوي من مياه رحمتك!
عطشت يا ربي.
عطشت يا إلهي.
متى أذهب اليك وأدنو منك!
متى تسعد نفسي بهذا اليوم يوم الفرحة واللقاء الذي صنعه الرب ليكون شهادة لنصرتي!
يوم مشرق لا يميل نهاره ولا تغرب شمسه... هناك يعوني صوت ينبعث من قلب رحيم مفعم بالحب قائلا:
أدخل الى فرح سيدك(متى 25) الى النعيم الخالد في هذا المسكن الدائم لإلهك حيث تتجلى آيات قدرته وعظمته.
أدخل الى فرح حقيقي تغمره السعادة الحقيقية ويطغى الخير على الشر ولا يتحالفان.
حياة هرب منها الحزن والكآبة والتنهد.
يا مسرة المسرات متى أدخل الى مسكن راحتي!
أميل الآن وأنظر هذا المنظر العظيم. خر3
من الذي أمسكني عنك!
إني لم أعتق بعد.
إلى متى أنتظر لأراك!
ما سر إنتظاري وانت مقصدي!
ننتظر مخلصنا الذي صالحنا الآن في جسم بشريته الممجد(فيلبي21) ننتظر عودته من العرس لكي يدعونا الى وليمته.
إلهي تعال ولا تتباطأ.
تعال واحمل الينا سلامك.
حرر نفوسنا لنتذوق حلاوة وجودك.
يا رجاء الأمم ومشتهي الشعوب أرنا وجهك فنخلص.
يا ضياء خلاصي تعال وخلص نفسي فتعترف باسمك المستوجب كل تسبيح.
سأظل من أجل شقائي المضطرب وسط أمواج فنائي رافعا إليك صوت تضرعي.
ليتك يا ربي تسمع مني صراخات الأسى حتى أبلغ ميناء السلام.
طوبى لمن لا تنزعج قلوبهم ولا تخشى العواصف الهوجاء.
الذين إستحقوا أن يجدوا عندك أمنهم وسلامهم يا صخرة خلاصي التي تتكسر عندا الامواج.
طوبى للذين في الحقيقة قد إجتازوا البحر الى البر.. وغادروا المنفى الى الوطن... وخرجوا من السجن الى السماء.
إنهم يستمتعون بلذة الراحة المنشودة.
سعداء هم الذين تخطوا الشرور... ولم يجردوا أنفسهم من الثياب التي خلعها عليهم السيد المسيح في ملكوته الابدي الممجد.
سلامك يسمو كل عاطفة.
تسبح الملائكة في أنوارك وقد إنعكس على جباههم ضياء الفرح والابتهاج.
لا أنين ولا نواح.
لا خصام ولا عداء.
تملك الملائكة معك يا الله.
أنوارك وشاح لهم من بهاء كرداء ملوكي.
تيجانهم مرصعه بالآلي من نور لا ينطفئ بريقها.
يا عزاء القديسين وإكليل مجدهم.
في ديارك نعيم دائم.
أنوار ولا ظلام
سعادة ولا شقاء.
سلامة ولا ألم.
حركة بلا عناء.
خير ولا شر.
حياة ولا موت.
الحب عندك لا يفتقر.
الجمال لا يذبل.
القوة لا تقهر.
النصرة لا تخذل.
طوبى لمن يجتاز في سلام بحر هذا العالم المتلاطم الأمواج.
ولكن هل نستطيع أن نقود سفينتنا وحدنا الى بر الطمأنينة والأمان؟
إن بعدنا عن مينائك يا ربي هبت الرياح... ترنحت بنا السفينة ... تقاذفتها الأمواج ... وفغرت المياه أفواهها لتبتلعنا...
إن وطن الراحة ما زال بعيدا تفصلنا وإياه أميال طوال ... ومن ثم لا نستطيع أن نلوح للوطن ونحييه ونحن في عرض البحر نعاني الأهوال... ونذرف الدمع السخين ثمنا لبلوغه.
ربي يسوع رجاء الجنس البشري.
حصننا وقوتنا... أنوارك تضئ البحر.
هيجانه وعصيانه... وتلمع في أعيننا كنجم يهدي سبيل رحلتنا.
ذراعاك القويتان هما وصليبك دفة حياتنا وخلاصنا توجهنا وتحمينا.
شمس الحق تضئ كنجم الصباح على شاطئ الوطن وانت في لقائنا.
نضرع إليك وباسم الخلاص، ألا يفوتك ، أننا كنا مبيعين وبدمك الكريم اقتنيتنا وصالحتنا.
استمع الينا يا إله السلام ورجاء كل الارض وكل شواطئ البحار البعيدة.
نجنا ومجد إسمك لتبلغ سفينتنا ميناء الخلاص
شقاء الانسان
إلهي .. متى يستقيم عوج طبيعتي على نهج صلاحك لأقترب من كمالك؟
الوحدة ، السكون ، الحق ، الطهارة .. كلها يا سيدي مستحبة لديك.
الجموع ، الضوضاء، الكذب ، الحسد مكرمة عندي.
ماذا أزيد على ذلك.
أنت محب ، منان ، قدوس وعادل.
أما أنا فشرير، محب لذاتي ، خاطئ، وظالم.
أنت النور ، الحياة ، الدواء البهجة ، الحق المطلق.
أما أنا فظلام ، موت ، مرض ، تعاسة تفاهة مطلقة كسائر البشر.
إلهي .. أي لسان يربطني بك .. تفضل واسمعني:
أنا جبلتك ، منذر بالضياع ، مخلوق وأموت.
أنا صنيع يديك، مآلي الى العدم ، بك أحيا.
ذراعاك اللتان صنعتني وجبلتني.
يداك اللتان سمرتا على الصليب من أجلي.
أتزدري يا ربي عمل يديك؟
أنظر الى جراحاتهما العميقة.
على يديك كتبت اسمي.. فاقرأ عليهما ما سطرته وانقذني.
إنها خلقتك التي تتنهد وتفزع اليك لتصنع منها خليقة جديدة.
الطين الذي صنعته بيديك يتوسل اليك ضارعا مستصرخا.
فاحيي هذا الطين لأنك أنت الحياة.
ألهي.. رد له صورته الاولى وبهاءها.
عفوا يا الهي.. إن كانت أيامي ، وهي لا تذكر ، تسمح لنفسها بأن تناجيك.
من هو الانسان الذي يتجاسر ويخاطبك!؟
إغفر لي يا رب جسارتي.
إغفر للعبد الذي يجرؤ ويرفع صوته في وجه سيده.
يدفعني الالم للكلام.
تضطرني الشدة لإستداعء الطبيب لأني مريض.. أنشد النور لأني كفيف البصر.. والحية لأني ميت.
هذا الطبيب .
هذه الانوار.
هذه الحياة.
أليست كلها أنت يا يسوع الناصري؟
إرحمني يا إبن داود.. يا ينبوع الرحمة استمع الى صلاة المريض.
انت النور الذي يمر بكل انسان.
قف قليلا أمام أعمى مد اليه يدك ليقترب منك ويبصر النور في انوارك.
مر ميتا ليخرج من القبر وتدب فيه الحياة من جديد.
من أنا يا سيد لأرفع اليك صلاتي!؟
ويلي ما لم تحطم في نفسي الغرور والكبرياء.
إني جثة فاسدة ومرعى الديان.
عفونة ومأكل للنار.
إنسان مولود المرأة قليل الايام وشبعان تعبا(1يو 14)
إنسان هو والتفاهة سواء بسواء.
إنسان في كرامة ولا يفهم يشبه البهائم التي تباد(مز 4
ألست أيضا هوة تخنقها الظلمة ، أرضا ملعونة ، طفلا أحمق، إناء مذلة، نسل الخطية، حياة مزيجا من صنوف الالم.. فمتى تنتهي تلك الحياة بشدائدها؟
يا لتعاستي! الشقاء نصيبي فكيف يكون مصيري؟
كيف دخلت الحياة وكيف أخرج منها؟ ذلك ما أجهله!
تعيس وميت .
أرى أيامي تمر كظل.
حياتي تضمحل كالسحاب الذي يجب ضوء القمر ثم يتفرق.
كزهرة على عودها تذبل وتجف قبل أن تتفتح.
يا لها من حياة فانية سريعة الزوال!!
حياة لا أمان لها.
تقسو ولا تشفق تسحق ولا تترفق.
ضحكاتها بكاء
نعيمها شقاء
بهجتها حسرات
شهواتها لحظات
أي عزيز لم تذله؟
أي صحيح لم توجعه؟
أي هناء لن تمحوه؟
أي حي لن يموت؟
ان اضطرابا مفاجئا قد يضع نهاية لحياتنا.
وان ما يزيد نهايتنا تعاسة هو انه رغم موتنا الاكيد نجهل تماما ساعة موتنا.
تلك الساعة تأتي حينما لا نتوقعها لننزع منا حياتنا وتقضي على خططنا وآمالنا.
هل يعلم الانسان شيئا عن كيفية موته؟ وفي أي زمان او مكان يموت؟ ورغما عن ذلك نعلم أننا سنموت.
هذه يا سيدي المأساة الكبرى للانسان.
إنا مأساتي ولا أرهبها!
غاصت نفسي في لجة الآلام ولم أتوجع ولم أطلق صراخ الشدة نحوك!
إلهي .. سأصرخ قبل فنائي او لاحرى لكيلا أهلك وأحيا في مسكنك.
استجب لي إذن فأحدثك عن شقائي واعترف لك دون خجل بتفاهتي.
اسرع لنجدتي فأنت قوتي ، معيني ، صلاحي وملجأي.
تعال ايها النور لأنه بدونك لا أرى شيئا.
اقترب ايها المجد اللانهائي فأنت سعادتي. أظهر لي ذاتك فتحيا نفسي.
انت وحدك الممجد
القديس أغسطينوس
عظيم أنت يا ربي قوي وقدير
خلقت فابدعت.
بنسمة منك صار التراب نفسا حية.
رحيم على خليقتك عادل في مجازاتك.
خدعتني نفسي وقالت انت غني عن الهي بك.
وتجاهلت أني مسكين ، أعمى ، عريان ، بائس بلا حنو ولا شفقة.
وغررت بي نفسي فادعيت الحكمة.
وحاولت كبح شهواتي لجمحت.
ملكني كبريائي.
وتشامخت فابتعدت عنك.
وسرت في طريقي وحدي فسقطت.
حينئذ ادركت ضعفي واعترفت بتفاهتي.
وصرخت..! فمددت لي يدك وانتشلتني.
الخير من طبيعتك .
اما الشر فمن صنع البشر.
كل ما أعطيتني من مواهب فهي من إحساناتك فلا أجعلها تمجدني بل تمجدك.
فبأي شئ يتمجد الانسان؟!
أ بالشر الذي يفعله؟!
أم بالخير الذي لم يصنعه!
إلهي.. لك وحد ينبغي المجد والركرامة .
من يقبل تمجيدا من انسان فلن يسانده أمام العادل الديان.
لا تدعني أتمجد فالمجد لك وحدك.
ألهي.. امتدت رحمتك ومحبتك الى كل الأرض. أفلا تترفق على ما جبلته يداك؟
أشركتنا في أمجادك وأفضت علينا من نعمك واحساناتك.
أشبعت الفراء من غنى محبتك.
ها نحن المعوزين من أولادك.
خراف قطيعك الصغير.
إفتح لنا أبوابك ليدخل الفقراء الذين أحببتهم ليروا ظمأهم من ينابيع مائدتك ويمجدونك.
من يفتقر الى غناك تغنيه.
من يتعالى عليك بعد الخيرات .
إلهي.. اعترف لك بأني فساد.
ظل الموت
ظلام داكن.
أرض الجحود والنكران.
تربة لا تنبت الا الخزي والعار.
ثمارها الخطية والموت.
إلهي.. أغضبتك وعفوت.
أخطأت إليك وغفرت.
تعديت وصاياك وتسامحت.
كنت على حافة الهاوية ولنجدتي أسرعت.
كم من مرة حطمت شباك الخطاة .
وقضيت على أسباب الخطية وبواعثها!
ولولا سهرك ورعايتك لأهلكتني شروري.
أحاطت بي سهام الشر وكنت الدرع الواقي فارقتد كل سهم وانكسر:
كل من يسير في النور لا يتعثر.
النور الحقيقي
ايها النور غير المنظور
مصدر الانوار.
مبعث الأضواء.
النور الذي يتلاشى أمامه كل أنوار صنعتها يداك.
النور الذي منه تستمد الانوار نورها.
الضياء الذي منه تأخذ الاضواء ضوءها.
النور الذي يبدد الظلام ويضئ العتمة.
النور الالهي الذي لا تستطيع السحب ان تغطيه ولا الغمام أن يلفه .
النور الذي لا يستره ستار ولا تظلله ظلال.
ايها الكلمة الذي قال.. ليكن نور.
ردد هذه الكلمة الآن أيضا .. لأن بعيدا عن أضوائك الحقيقة تختفي الحقيقة.
ليتني أبصر مجدك لأتبين حقيقة ضعفي وحقيقة أنوارك.
إشتد جهلي وأمتد طغياني فلا تغفل عني وأنت وحدك الصلاح والعدل.
أنت عزاء كل نفس حطمها الحزن واستبد بها اليأس.
أنت تاج الرجاء الذي يعصب جباه الظافرين المنتصرين .
النور الكاره لكل خطية لأنك قدوس وطاهر.
فأين القلب الذي جعلت منه هيكلا لك ومسكنا محببا إليك!؟
إذا انفصلت عنك فلن تصادفني إلا ضيقات ومتاعب.
وما لم تكن انت سعادتي فياطل غنى العالم.
وفي وحشية وضراوة، مزقت شهواتي الجسدية بحرابها المسمومة، وحدة القلب القائمة بيننا، ثم نثرت أشلاءها على سائر الملذات.
وأنغمست أنا في الشهوات ولكن شهوة واحدة لم تملأ قلبي.
أنت صالح ، محب وقلبك لن يتغير.
من يتبعك لا يضل طريقه ولا يخيب ظنه.
من يملكك ينل مشتهاه.
إن أميال قلبي تصرفني عن أن أميل اليك فأمالتني الهموم والاوجاع.
عندئذ صرخت الى الحياة وهتفت.
انا الهدم .
أما أنت يا إلهي فأجبتني بصوت إحساناتك وقلت (( أنا البناء))
أما نفسي العمياء فانقادت للموت ولم تشته الحياة.
وأصبحت عليلا.
واتجهت اليك ايها الطبيب اتوسل من نعمك واحساناتك الا تهملني.
لأنك خلقتني وكونتني.
وكنت بعيد عنك فقربيتني.
وكنت ميتا فأحييتني بموتك ورفعت قدري وارتديت ثوب فنائي.
أيها المالك الى الابد.
أخليت ذاتك وأخذت شكل العبد!!
سلمت نفسك بإرادتك لأجل خلاصي أما أنا ففي عناد وإصرار بعت نفسي للخطية.
أما أنت فأسرعت إليَ لتمزق صك الموت.
حررتني من العبودية ونجوت أنا من العذاب الأبدي.
دعوتني باسمك.
ودفعتني بدمك علامة أبدية.
من أجلي احتملت عذابات الصليب طوعا لا كرها.
عرضت نفسي للهلاك وكنت انت منقذ لي.
وضعت حدا لطغياني.
شددتني وقويت عزيمتي.
فرجت كربتي وهديتني.
استجبت لكل صلاة من أجلي.
سمعت صوت تضرعي.
موت الخطيئة
إلهي .. إن حرماني من أنوارك يفضي الى الموت او بالحري الى العدم.
وليس الموت بشئ فح ذاته ولكنه موت للروح بفعل الخطية.
أخطاؤنا تجرفنا بقوة كماء ينصب في منحدر. ونلنا عقابا عادلا جزاء ما اقترفنا.
وما دام حقا يا الهي أنه بدونك لم تكن للحياة وجود..
فما من شك أن الخطية تدمرنا.. وتدمرنا لأنها تفصلنا عنك انت يا اصل الخليقة وعلة الوجود!
يا كلمة الله .
يا سيد الكل.
بك كل شئ كان وبدونك لم يكن شئ مما كان .
يا لشقائي! فالظلمات كثيرا ما اكتنفتني وانت النور ولم اهتد.
ويل لي .. فما أكثر الحماقات التي ارتكبتها.وانت الحقيقة ولم أطلب مشورتك.
وأنت الطريق وضللت طريقي زمانا وملت عن طريقك.
ويل لي.. فقد ضربني الموت بضربات متععدة وأنت الحياة وكنت ميتا بانفصالي عنك.
ويل لي.. فقد أصبت بجراحات كثيرة وكنت انت سلامي وتهاونت.
ويل لي.. فإني كثيرا ما ارتميت في احضان الشر وما فيها من هلاك واستسلمت.
انت الطريق والحق والحياة .. بددت الظلمة وكسرت شوكة الموت.
ايها النور بدونك تخوض كل الاشياء في الظلمات.
ايها الطريق كل من حاد عنه ضل سبيله.
انت الحقيقة وكل من يتوارى عنها لا يجد الا الرياء,
انت الحياة وبدونك يجتاح الموت كل مكان.
ردد هذه الكلمة . ليكن نور.
لأرى النور وابتعد عن الظلمة .
لأبصر الطريق وأتجنب الطرق الملتوية .
لأرى الحقيقة وأنأى عن الباطل.
لأرى الحياة وأنجو من الموت.
إلهي .. أضئ حياتي فأنت نوري، إلهامي وسلامي .
أمجدك يا إلهي . أحبك يا أبي.
أطيعك إطاعة العروس لعريسها.
إغفر لي فإني أخشى عدلك.
أيها النور واهب الخيرات أسرع لتهب النور لمن لا يبصر فتستميله إليك..
فالظلام يحيط به وظلام الموت تخنقه.
أرشده الى طريق السلام طريق مائدتك الى مسكنك الدائم .
أنت وحدك طريق الحياة بلا جدال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق